خاطرة رقم 16 مواقف لا تنسى في موريتانيا –

خاطرة رقم 16 مواقف لا تنسى في موريتانيا

الشخصية الرابعة عشرة – والي نواديبو المرحوم سيد أحمد ولد بنيجاره رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جنانه

أتابع ما حصل بعد خروجي من مكتب الوالي : : فقد كنت في أغلب الأحيان أحضر شابا يافعا متطوعاً أو بالأجرة يركب بجانب السائق ويخرج مكبر الصوت من النافذة ويمسك بالميكروفون ويضعه بجانب مسجلة تبث أغانيَّ , وكنت أجلس في الكرسي الخلفي كي أوجهه , وكذلك أوجه السائق إلى الأماكن التي يجب أن يذهب إليها , وكذلك عن فترة البقاء فيها , لنتأكد من فاعلية عملهم وتأثير ذلك على الناس المتلقين للإعلان , فكثير من الجمهور كان يقول ) لم نفهم أولم يسمعوا ما يقال جيداً ( فأطلب عندها من الشاب الإعادة, لأن عدة حفلات لم تنجح بسبب سرعة السيارة واختصارها لكثير من الأحياء أو للتسلية وسماع الأغاني دون أي كلام من الشاب المشرف على الاذاعة ) ولم أكن موجودا معهم ( وأحياناً عندما يكون معي من تدرب على يدي وفي نفس الوقت أعرفه صادقاً غيوراً على مصلحتي كنت أتركه يذهب مع السيارة لوحده ؟

وفي هذه الحفلة كنت أرافق الشاب الذي يذيع للدعاية !

المهم أنه صار المساء وكنت داخل السينما وجاءني شرطي يقول: إن صاحب الشباب يريدك في الخارج , قلت له ليدخل إلى الداخل , قال التعليمات أن يدفع , قلت له: قل له أن يدفع ويدخل ؟

فلم يدخل وولى غاضباً لأنهم قالوا له حتى لو دخلت نحن سنمنعك من الاقتراب من البطاقات لأن التعليمات تقول ذلك؟

عاد إلى البيت خائباً , وفي اليوم التالي كررت الحفلة في نفس المكان , وذهبت صباحا إلى الوالي

متقدماً بطلب خطي وافق عليه , وطلب لي عدداً من الشرطيين , وكان معي الشاب الذي سيذيع من السيارة, فاستأجرنا سيارة أخذناها إلى البيت لنحضر أجهزة التكبير والمسجلة وحاولت أن أتعمد المرور أمام دار الشباب التي كان أمامها فسحة خالية من البناء , وليس لنا فائدة في أن يسمعنا أحد , فلا أحد هناك غير ذلك المتعجرف سيسمعنا عند مرورنا من هناك !

قلت للسائق تمهل أمام دار الشباب, إلى أن يخرج صاحب الشباب لأقول له عبارة هو يحبها , رفع الشاب صوت المسجلة فخرج صاحبنا وهو يصرخ (حانيني ) أي انتظرني, قلت له جملته المحببة إليه

إنت أجلان أنا مانو أجلان ( وجاء مندفعا نحو السيارة , فقلت للسائق انطلق ودعه عنك !

بالله عليكم كم هو موقف شريف وإنساني ووطني موقف سيادة الوالي , وكم هو موقف لا إنساني ولا وطني ولا شريف موقف ذاك الرجل الذي تعجرف ثم نال جزاء تعجرفه ؟

أحيي وأثمن وأشكر ذلك الوالي وأدعو له الله أن يرحمه ويغفر له ويسكنه فسيح جنانه !

وإلى اللقاء في الشخصية القادمة من شخصيات كان لها مواقف لا تنسى في موريتانيا – دمتم لفنانكم الباحث في التربية وعلم النفس– فريد حسن-

زر الذهاب إلى الأعلى