اللجنة المستقلة للانتخابات: الرهانات والتحديات / د.سيداب عالي

تتأثر العملية الانتخابية بشكل كبير بطبيعة الإدارة الانتخابية، ممثلة في اللجنة أو الجهاز المخول قانونا بهذه العملية، من حيث الإشراف والتسيير والتخطيط والتنظيم والمتابعة.

وتأخذ الإدارة الانتخابية في الدول أشكالا مختلفة، فقد تكون إدارة حكومية، أو إدارة مستقلة، أو إدارة مختلطة.

وقد اعتمد المشرع الموريتاني نموذج الإدارة المستقلة االممثلة في لجنة حكماء مختارة من طرف الطيف السياسي أغلبية ومعارضة، مدعومة بإدارة حكومية مكلفة بدعم المسار الانتخابي تابعة لوزارة الداخلية.

ولهذا أنشأ المشرع الموريتاني سلطة عمومية هي اللجنة المستقلة للانتخابات، بموجب القانون القانون النظامي رقم 2012-027 الصادر بتاريخ 12 أبريل 2012 ، ومتعها بالاستقلال الإداري والمالي، ومنحها صلاحيات تحضير وتنظيم مجموع العملية الانتخابية والإشراف عليها بدء بمرحلة التصديق على الملف الانتخابي ولغاية الإعلان المؤقت عن النتائج وإحالتها إلى المجلس الدستوري بقصد الإعلان النهائي، فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية والاستفتاء، وكذا الإعلان عن نتائج الانتخابات الأخرى.

واللجنة مسؤولة عن حسن سير الإقتراع وشفافيته ونزاهته، ولهذا فهي المعنية بالملف الانتخابي، والترشحات، قبول المترشحين، الشعارات، العلامات والرموز الانتخابية، المعدات، مكاتب التصويت، عمليات التصويت، الفرزوصياغة المحاضر، مركزة وإعلان النتائج المؤقتة وإحالتها

وعموما منح المشرع الموريتاني سلطة تحضير وتسيير العملية الانتخابية للجنة المستقلة للانتخابات بالتعاون مع مديرية دعم المسار الانتخابي، وتنسق اللجنة مع مديرية دعم المسار الانتخابي مراقبة تحضير ومراجعة وتسيير الملف الانتخابي والإحصاء الانتخابي، وتعتمد العمليات المناسبة لذلك، بالإضافة إلى إعداد دفتر التكاليف الذي يتم التعهد في طلبيات المعدات الانتخابية على أساسه، واستلام المعدات الانتخابية وتدقيق مطابقتها.

 

لقد أسند المشرع الموريتاني لهذه اللجنة مهمة مفصلية في تاريخ الأمة الموريتانية ممثلة في إدارة وتسيير وتحضير العملية الانتخابية، بيد أن الانتخابات محطة أساسية في المسار الديمقراطي لأي دولة، فهي محطة حاسمة في إنتاج طبقة سياسية مستقبلية تحمل هموم المواطن وتحقق انتظارات المجتمع، طبقة تتحمل المسؤولية، وتتحلى بالكفاءة، وتحمل تصورا جادا لحل إشكالات التنمية والانسجام المجتمعي، ولن يكون الاستحقاق الانتخابي مفضية لتحقيق الرهانات السابقة دون وجود لجنة انتخابية قوية تتميز بالكفاءة والنزاهة والحياد، ودون ذلك سنبقى في حلقة مهزلة الانتخابات الشكلية التي تعقد الوضع السياسي، وتسبب الاحتقان، الانتخابات التي تفرق ولا تجمع، الانتخابات الهزيلة التي تفرز نخبا ضعيفة وغير مسؤولة، ولا تحمل أي رؤية وطنية. تنظيم وتسيير الانتخابات، وكلما كانت الطواقم ضعيفة الكفاءة ومختارة على أساس الزبونية واستغلال النفود كان ذلك مقوضا لعمل اللجنة وسيئا.

 التنظيم الجيد للاحصاء الانتخابي، ومحاربة ظاهرة ترحيل الناخبين: وهذه من التحديات الكبرى التي على اللجنة التعامل معها بصرامة وجدية

 تدخل الإدارة والجيش في العملية الانتخابية: يجب أن تحرص اللجنة على وقوف الإدارة والجيش على نفس المسافة من المتنافسين، وأن تعمل على تفعيل قانون التعارض

 مواجهة المال السياسي والرشوة الانتخابية: من منغصات العملية الانتخابية انتشارالمال السياسي، ورشوة الناخبين، وهو ما يتطلب صرامة وقوة ويقظة، وتطيق القانون في هذا الإطار

 حسن اختيار مكاتب التصويت، وأعضاء هذه المكاتب: من التحدبات الكبرى أمام اللجنة مراعاة التطبيق الصارم للقانون في التقطيع الجغرافي لمكاتب التصويت، ومنها اختيار رؤساء ومكاتب التصويت على أساس الكفاءة والحياد، وفي هذا الإطار يتعين عليها تجنب مكاتب العائلات والأقراد.

 معالجة التظلمات بكفاءة في الوقت المناسب.

تبقى اللجنة المستقلة للانتخابات أهم ضمانة لشفافية ونزاهة الانتخابات إن توفرت الإرادة السياسية الجادة وحسن الاختيار، وتكرست مقتضيات الاستقلال الاإداري والمالي، وتبقى الانتخابات الشفافة والنزيهة رهانا وطنيا يؤسس لبناء وطن متجانس، ومستقر ويتطلع لمستقبل واعد، تتجسد فيه دولة القانون وتتحقق التنمية، وتتكرس المواطنة، وتصان حقوق الإنسان.

الدكتور سيداب عالي

زر الذهاب إلى الأعلى