خطاب الإنجاز.. ورسائل الاستقلال/ أحمد سالم محمد فاضل
بين مستهل الأمل ومنطلق الإنجاز رحم موصولة، وعلاقة لا يمكن أن تنبت، وليس النجاح إلا السير بالإنجاز الراشد من مستهل الأمل إلى منتهى الطموح، وموريتانيا منذ سنوات ثلاث وهي تسمو صعدا في طريق الإنجاز، معيدة بناء الأمل الذي طالما تعثر في مهاو سحيقة من الفساد، وتدني سقف الطموح، أو في مجاهيل حيرة تسير خبط عشواء دون رؤية ولا روية.
منذ ثلاث سنوات طويت صفحة، وبدأت صفحات أخرى، انتقلنا من عناوين وشعارات إلى عناوين ومضامين جديدة، هنالك الكثير مما ينبغي أن يقام به تفرغت له الأفكار والرؤى والسواعد، تلاشت زوابع الضجيج التي تملأ الأسماع كلاما دون كثير من الإنجاز، وبدأ عهد جديد، من العمل والعمل المتواصل والجدية، وكانت الخطابات دائما ذات مغزى مؤثر ورسالة واضحة، وهدف تغييري متميز.
بهذا ظهر في حلة البيان الناصع والوعد الفصيح، خطاب ترشح رئيس الحمهورية، وعززه خطاب التأقلم الوطني والتصدي التنموي لاثار جائحة كوفيد، وكان خطاب وادان منطلق رؤية ثاقبة ودستور إخاء وطني، وفكر قيادة مؤمنة بالعدالة والمساواة.
ثم كان خطاب الاستقلال الذي ألقاه فخامة رئيس الجمهورية في الذكرى الثانية والستين لعيد الاستقلال نقلة مهمة في مضامين الخطابات الرئاسية، بمضمون متلاحم ومتكامل، وبحصيىلة إنجازات قائمة بنفسها، مجددة القاعدة المنطقية التي تقول إن المحسوس برهانه في نفسه، حاملا معه مكارم رئاسية نبيلة معبرة عن فكر وقيم رئيس الجمهورية في السير قدما بالشعب وبالموظفين إلى مزيد من تحسين الظروف وتثمين المهنة وتعزيز الانتماء إلى بلدهم الذي تظلهم ذكرى استقلاله.
في دفاتر الإنجاز، استعرض رئيس الجمهورية نماذج مجمعة لما وصلت إليه البلاد وما حققته على صعد مختلفة، وله رفقة مواطنيه أن يفخر بأن قرابة 100 ألف أسرة موريتانية شملهم التأمين الصحي خلال سنتين، موازاة مع الموظفين المؤمنين، وذلك في أوسع وأشمل حالة تأمين صحي عرفتها البلاد وربما منطقة الساحل بشكل عام.
وتتحمل ميزانية الدولة تكلفة هذا التأمين الذي تجاوز قرابة مليارين ومئة مليون أوقية سنويا. ويرتفع باطراد عدد المؤمنين، مع مجانية عدد من الخدمات الصحية، وكذا رفع أعداد الأسر المستفيدة من 30 ألف إلى أكثر من 98 ألف أسرة. زيادة على مساعدة 65 ألف أسرة متضررة من انعدام الأمن الغذائي، وعون لمرضى التصفية وسائر أصحاب الأمراض المزمنة ضمن إجراءات متعددة شملت الإغاثة والدعم والتوزيع المجاني، إضافة إلى إطلاق مشروع لبناء 1932 وحدة سكنية، وتمويل أكثر من 3800 مشروع مدر للدخل.
ولأطفال موريتانيا أن يهتفوا مع الزمن باسم قائد البلاد ورئيسها المشفق، حينما يتذكرون أن أكثر من 30 ألف طفل استفادوا من برنامج وطني لمكافحة سوء التغذية، بعد أن ظلت أجيال من قبلهم لعقود عرضة للجوع وسوء تدبير القوت، وهاهم اليوم جزء من مشروع وطني للأمن الغذاء والأمان المجتمعي، لينعموا بصحة جسدية وليدلفوا بطموح مفعم بالأمل إلى المدرسة الجمهورية وهي قصة أخرى من نجاحات رئيس الجمهورية.
إن حلم المدرسة الجمهورية الذي مكث في رحم الغيب عقودا من الزمن أضحى اليوم حقيقة ماثلة، بفضل الإرادة الصلبة لفخامة رئيس الجمهورية، وعبئت لها كل الموارد التي تحتاجها، وخصص لها صندوق تمويلي بسقف يصل إلى ملياري أوقية.
وقد تعزز الكادررالتربري باكتتابات كبيرة، ناهزت 8000 مدرس وورشة بنية تحتية أنجزت حتى الآن 1650 حجرة دراسية وستنتهي الأشغال في 1500 حجرة أخرى مع نهاية العام الدراسي الحالي، إضافة إلى زيادات معتبرة في رواتب وعلاوات المدرسين، ومراجعة البرامج ثم توحيد الزي الرسمي لطلاب الابتدائية.
وهي خطوات لا يمكن أن تمر عابرة في ذاكرة الأجيال بل لها مستقر في الذاكرة النبيلة والتاريخ التعليمي المؤثر، مع تطوير جديد وشامل في قطاع التعليم العالي يتضمن توسيعا لطاقة كليات جامعة نواكشوط والطواقم التقنية.
وتتضافر الإنجازات وتتكامل في رفع نسبة النمو إلى حدود 5.3% وفي التصدي التنموي الفعال لجائحة كوفيد، وفي تطوير القطاعات الإنتاجية ومنها على سبيل المثال توسيع المساحات المزروعة ورفع سقف الإنتاج الذاتي من الأرز، وإقامة شراكة نوعية بين الدولة والسكان المحليين، بعد استصلاح مساحات كبيرة، وتوفير فرص شغل وتنمية مستقرة لآلاف القرويين من بينهم نسبة كبيرة من النساء، وإنشاء سدود نوعية، زادت من واحات البلد ورفعت منتوجها من غلال النخيل، في تكامل بديع بين اقتصاديات الواحات والضفاف، حيث ارتفعت نسبة التشغيل في ميناء تانيت على سبيل المثال إلى أكثر من 5000 فرصة عمل مباشرة.
وفي العمران والإنشاء والتطوير كان للخطاب الرئاسي ما يتحدث عنه من إنجازات نوعية عبر إقامة عدد كبير من المنشآت العمومية، تضمنت على سبيل المثال قرابة 1930 كلم من الطرق المعبدة، وإعادة تخطيط وتأهيل عدة مدن، لتخرج من حالة العشوائية إلى فضاء التأهيل المدني الحديث.
وضمن المسار نفسه، فقد استفادت 259 مدينة من مد وتقوية شبكات الري والكهرباء، ويعني ذلك ما يعنيه من تعزيز للتنمية والاستقرار وتعزيز لفرص الإنتاج.
لسنا في وارد الحصر لما تضمنه خطاب رئيس الجمهورية من قيم سياسية في الإخاء والوحدة الوطنية والتشاور والتهدئة وتغليب روح الحوار، بعد استلال فتيل الأزمة السياسية، ولا فيما استعرضه من قيم الحكم الرشيد ومحاربة الفساد والتحديث المتواصل، ضمن رسائل متعددة وجهها الخطاب إلى مختلف قطاعات ونخب وجماهير الأمة الموريتانية، ولعل من أبرز هذه الرسائل:
– استقرار واستمرار نهج الحكم وفلسفة القيادة التي بشر بها رئيس الجمهورية، فما زالت التهدئة خيارا استراتيجيا والحوار نهجا مستقرا، والمبدئية سبيلا لاحبا.
– مركزية المواطن في سياسيات وفكر رئيس الجمهورية: من خلال آكدية الوحدة الوطنية، وحجم ما تحقق من إنجازات هدفها تحسين ظروف المواطنين وتطوير قدراتهم.
– ارتفاع سقف الإنجاز وامتداد فضاء الطموح، ففي ما تحقق خلال ثلاث سنوات في ظروف صعبة وزمن غير مسعف، ووضع دولي وإقليمي غير موات دليل على حركية وتيرة الإنجاز، وفي القادم المرتقب من نماء وإخاء وتطوير صناعي واقتصادي نفحة أمل قريب.
– مكانة الهوية والتعليم: حماية وخدمة وتطويرا، فلا نهوض بدون تعليم، ولا أمة بدون هوية، ولا شك أن خطاب رئيس الجمهورية بما استعرض من إنجازات، وما أعلن من زيادات للموظفين ولقطاع التعليم بشكل خاص يمثل رسالة مهمة لحقلنا التربوي بأنه جزء أساسي من أولويات الرئيس.
ومن بين الرسائل المهمة التي تظهر من خلال جمل وفقرات الخطاب، قوة الدولة واستقرار دورها الاجتماعي وعدالتها الوارفة، وحمايتها الدائمة للحوزة والسكان، وهو ما لمسه المواطنون حقيقة في أمن مستقر وحماية ضافية، وتنمية مستدامة ومثمرة.
هو إذن خطاب “رئاسي” بما اقتضاه الأمر من بيان لغة الأرقام، ودقة رسائل الإنجاز، ووضوح السير قدما نحو تحسين ظروف المواطنين والرفع من قدراتهم، زيادة في الرواتب والعلاوات، ودعما للمواد الأساسية، وفيه أيضا آفاق أخرى تفتح باب الأمل مشرعا على ضفاف واسعة من النماء الذي نرجو أن يرفعه المحيط إلى الشاطئ.
الأمين التنفيذي المكلف بالتعليم بحزب الإنصاف