غزواني إنصف من بعد التآزر/ الحضرمي ولد محمد ولد انداه

حين صوت الموريتانيون بأغلبية مريحة على برنامج “تعهداتي” لفخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، أدركوا جيدا أن تصويتهم لم يكن لبرنامج انتخابي سينضاف إلى رفوف البرامج الانتخابية التي عهدوها حبرا على ورق بقدر ما هو عهـــد لا شك أن صاحبه يعي هموم الوطن، وحاجته الماسة لنهضة شاملة في مختلف المجالات، حاملا معه جذوة أمل لفئات عريضة تسلل إلى قلوبها اليأس، بعد ما بُددت ثرواتها في مشاريع وهمية، يعلم مطلقها أن أقصى غاياته تحقيق منافع شخصية من ورائها، ولم يكتفوا بذلك فحسب، بل تعدوه بمحاولة إعاقة مشروع اختاره الموريتانيون قطيعة مع نهج الفساد والإفساد، فطفق مبددو الثروات الوطنية، والعابثون بأمن الوطن واستقراره يضعون العراقيل في وجه مشروعه المجتمعي الطموح الذي لم يستثن شريحة ولا عرقا، ولم يترك بابا من أبواب الإصلاح إلا وطرقه، سبيلا للتمهيد للإقلاع باقتصاد ظلت عجلته متعطلة منذ زمن بعيد، رغم توفر الموارد والمصادر البشرية التي هي عماد الإصلاح المنشود، لذلك فسأقتصر-عزيزي القارئ- في هذا المقال على ما تعهـــد به فخامته في مجال التأمين الصحي الشامل، وما تحقق ويتحقق في نفس المجال الذي يغني العِيان فيه عن البرهان.

وبالرجوع إلى ما ورد في تعهدات فخامة رئيس الجمهورية، ومقارنته بما تحقق نجد أن المواطن هو قطب رحى الإصلاح الذي التزم به فخامته، وبشرت به تعهداته حين قال: “سأشرع في عملية إنشاء نظام للتأمين الشامل طبقا للنموذج الذي حددته منظمة الصحة العالمية وفي انتظار اكتمال إجراءات هذا النظام سيتم التكفل بالعلاج المجاني لصالح الأسر الفقيرة المستفيدة من نظام التكافل.

وإذا ما قارنا التعهد بنسبة التنفيذ نجد أن عجلة التطبيق بدأت تسير بخطى متسارعة رغم صعوبة الوضع العالمي بدءا بجائحة كورونا، وانتهاء بالحرب في أوكرانيا، فمع انتصاف المأمورية نلاحظ أن توسيع برنامج التكافل للتحويلات النقدية ليشمل أكثر من 72 ألف أسرة محتاجة مثل أزيد من 70% من التزام فخامة رئيس الجمهورية بدمج 100 ألف أسرة فقيرة في نظام التحويلات النقدية الدائمة، فضلا عن توفير التأمين الصحي المجاني الشامل لأكثر من 620 ألف مواطن محتاج من مختلف ولايات الوطن، وهو ما يعادل سدس سكان البلاد.

ولم يكتف القائمون على الشأن العام بذلك فحسب بل رفعوا سقف الطموح ووسعوا دائرة الاستفادة، حيث صادق مجلس الوزراء خلال الأسبوعين الماضيين على مشروعي قانونين هما “إنصـــاف” و “الميســــر”، والذين سيكون لهما ما بعدهما في تاريخ الصحة في بلادنا، وفي علاج المواطن بشكل عام:

1- إنصــــــاف:

صادق مجلس الوزراء بتاريخ 09-06-2022 على إنشاء وتنظيم سير عمل مؤسسة عمومية ذات طابع إداري تدعي الصندوق الوطني للتأمين التضامني في مجال الصحة العمومية “إنصــــاف”، تناط بها مهام تسيير نظام تأمين صحي طوعي، موجه -أساسا وليس حصرا-، للعمال والمقاولين في القطاع غير المصنف بالوسطين الحضري والريفي كـ “العمال المستقلين والحرفيين والتجار والمنمين والمزارعين وغيرهم”، وذلك بغية التكفل تدريجيا بجميع المواطنين الذين لا يحظون بأية تغطية تأمينية حاليا، مع أنهم يمثلون حوالي 70 % من مجموع السكان في أفق 2030.

وسيُؤمن “إنصــــاف” خلال الفترة ما بين 2022-2024 ما يزيد على 500 ألف من المواطنين، وهو ما يمثل نسبة 14% من مجموع السكان، مما يجعل الطريق سالكا نحو “التأمين الصحي الشامل” الذي تعهـــد به فخامة رئيس الجمهورية.

2- الميســــــر:

ورد في كتاب “تعهداتي” لفخامة رئيس الجمهورية أنه: “ستنشأ لجنة وطنية للتنسيق والتوجيه في ميدان الإمداد بالأدوية، بغية تأطير عملية الإصلاح وإعادة تأهيل القطاع، وسيتم تقييم تجربة تحويل سلسلة الإمداد نحو توزيع الأدوية في الكيلومتر الأخير، من أجل تعميم هذه التجربة لضمان مستوى أعلى من توفير الأدوية في مختلف الهياكل الصحية، لا سيما تلك الأقرب للشرائح الفقيرة”، وصادق مجلس الوزراء بتاريخ 09-06 -2022 على مشروع مرسوم يحدد نظاما وطنيا للولوج إلى العلاجات والأدوية الأساسية ذات الجودة، سيمكن الصيدليات في مختلف وحدات الهرم الصحي من توفير الأدوية على اللائحة الوطنية للأدوية لتقريب الخدمة من المواطنين والتأكد من نوعيتها وجودتها.

ولعل توفير الأدوية بأسعار مدعومة، وجودة مضمونة، مع تحريم بيعها، بل والذهاب أبعد من ذلك بكتابة شعار المشروع عليها، وحفره في بعض شرائحها، ومنع بيعها في الصيدليات، وترتيب عقوبات رادعة على من ثبت تورطه في ذلك، هو ما من شأنه أن يقضي على المخاطر.. الناجمة عن عدم توفر بعض الأدوية قرب مكان الحجز بنقص التكلفة، وتمكين ذوي الدخل المحدود من الحصول على الدواء، وهذا يعيد إلى الأذهان تعهدا آخر لفخامته بشن حربا لا هوادة فيها على الأدوية المزورة.

ورغم أنه لا يختلف اثنان على ضرر الأدوية المزورة البين على صحة المواطنين، التي تعد من أولى الأولويات لدى فخامة رئيس الجمهورية بسعيه الدأوب إلى تقريب الخدمات الصحية منهم، خصوصا فئاتهم الهشة، حيث تمت زيادة التكفل بحصص التصفية لفائدة مرضى الفشل الكلوي المعوزين بنسبة 50%، واستفادوا من تحويلات نقدية شهرية بمبلغ 15000 أوقية قديمة، ووفر التأمين الصحي لذوي الاحتياجات الخاصة، علاوة على صرف تحويلات نقدية شهرية بمبلغ 20000 أوقية قديمة للأطفال متعددي الإعاقات، وحاز بذلك الشق الاجتماعي قصب السبق في مختلف البرامج التي حرص فخامته على إطلاقها منذ تسلمه مقاليد الحكم، وانبلاج فجر عهده الميمون، بدءا “بمــــؤازرة المواطنين”، و “إنصـافهم” في جميع بلديات الوطن البالغ عددها 219 بلدية مرورا بالحوكمة، وترشيد المال العام، وكبح جماح مبدديه سبيلا للإقلاع باقتصادنا الوطني رغم ما يعانيه العالم أجمع من شح في الموارد، وغلاء للمعيشة.

 

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى